في خضم الصراع المحتدم بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشح الديموقراطي جو بايدن على سباق الرئاسة الأمريكية نلقي نظرة على بعض الاثار المتوقعة لانتخاب أي من المرشحين. نحاول تسليط الضوء على السياسة الخارجية المتوقعة لكلا المرشحين، بناءً على سياسيات ترامب تجاه الجنوب العالمي وإفريقيا في الفترة السابقة. كما ندرس سياسات بايدن الخارجية المتوقعة بناءً على سياسات فترة أوباما التي ستكون رئاسة بايدن امتداداً طبيعياً لها.
ترامب وسياسة المصلحة المُجردة (America First):
– خلال أربعة سنين في البيت الأبيض، اتخذ الرئيس دونالد ترامب سياسة خارجية واضحة المعالم متركزة على تضخيم مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية دون مراعاة لأي مصلحة أخري. نجد ذلك واضحاً في سياساته تجاه أوروبا وحلف الناتو وتجاه حلفائه في الشرق الأوسط. أما عن أفريقيا وأمريكا اللاتينية. فقد كان ترامب واضحاً في كونه لا يولي أي اهتمام بالقارتين فيما عدا فنزويلا والنفوذ الصيني. لن نرى اهتماماً متزايداً من إدارة ترامب في المستقبل، إذا ما فاز، عدا بعض الشؤون التي يرى فيها مصلحة مباشرة للولايات المتحدة الأمريكية كملف الشرق الأوسط وكبح المهاجرين والتصدي للصين.
بايدن والسياسة الخارجية المثالية (Idealism):
– من متابعة فترة رئاسة الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن، نجد أن الإدارة الأمريكية حينها اتبعت سياسة خارجية تقليدية حاولت تحسين علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها والمصالح المشتركة مع بقية دول العالم. كما ركزت الإدارة الأمريكية على قضايا أيدلوجية كنشر الديمقراطية وحقوق الانسان. إدارة بايدن ستتبع نفس النهج الذي اتبعه أوباما، كما سيحاول بايدن أن يغير سياسات ترامب الانعزالية التي ركزت على مصالح الولايات المتحدة الامريكية.
الفرق الأساسي فيما يخض الآثار المحتملة على السودان والجنوب العالمي من النتائج الأمريكية هو أن انتخاب جو بايدن سيعيد الدور العالمي الأمريكي مجدداً. طبيعة ذلك الدور أنه يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ويحاول أن ينشر المثاليات الأمريكية في العالم (Interventionist). من مساوئ السياسة الخارجية المحتملة لبايدن أنها ستولي الناشطين ذوي التخصصات الإقليمية في الحزب الديمقراطي دورا أكبر في صنع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه تلك الدولة، وبالتالي ستتكون طبقة بيروقراطية بالكامل في الخارجية الأمريكية تعني بشؤون الدول الداخلية، وخصوصا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. سياسة ترامب تجاه أفريقيا كانت الى حد كبير متمركزة حول مصالح أمريكا وأغفلت المصالح الأفريقية، لكنها في نفس الوقت لم تتدخل بصورة كبيرة كما كانت تتدخل أيام أوباما.
فيما يخص السودان، ستكون سياسة ترامب متعلقة تماماً بحلفائه في المنطقة كالإمارات وإسرائيل. ولن تولي الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً كبيراً بميزان القوى بين العسكر والمدنيين. أما المرشح الديمقراطي بايدن فسيوكل ملف السودان لمتخصصين في الشأن الإفريقي من الحزب الديمقراطي. كما من المتوقع أن يعيد بايدن تنظيم تحالفات الشرق الأوسط خصوصا لمعارضة الديمقراطيين للنفوذ السعودي والاماراتي في اليمن والمنطقة. إضافة الى ذلك، ستكون أجندة معينة، مثل الديمقراطية وحقوق الانسان، حاضرة في ملف السودان مما سيزيد تأثير الولايات المتحدة الأمريكية على ميزان القوي بين العسكر والمدنيين.