اسم الكتاب : النسوية في ضوء منهج النقد الإسلامي.
الكاتبة : وضحى بنت مسفر القحطاني.
دار النشر : مركز باحثات لدراسات المرأة.
حجم الكتاب : 95 صفحة.
تاريخ النشر : 2016م / 1437 هـ
تحدثت المؤلفة عن الحركة النسوية باعتبارها الأكثر مساساً بالمرأة وباعتبار أن المرأة هي الكاتبة والعاملة فيها، وذكرت أن الحركة لها أبعاد فلسفية واجتماعية مما جعل لهذه الحركة نتاجاً أدبياً ورؤية نقدية ينطلق منها هذا النتاج.
تحتكم المؤلفة في بحثها إلى رؤية نقدية إسلامية رافضةٍ كلَّ ما يخالف أصول الشريعة الإسلامية وذلك لأنها شريعة إلهية المصدر وليست من وضع البشر كما هو الحال في المبادئ الغربية، بينما كان المنهج المتبع في البحث منهج تكاملي إسلامي، ولا يستغني البحث عن المنهج التحليلي والتفسيري الذي تمتاز به الكاتبة.
ينقسم الكتاب إلى فصلين وينقسم الفصل الأول إلى ثلاثة مباحث وأما الفصل الثاني فينقسم إلى مبحثين.
الفصل الأول جاء بعنوان “الأصول الفكرية والاجتماعية للحركة النسوية”؛ وتحدث عن مبادئ الحركة التي تنطلق منها وتحاسب أتباعها عليها.
والمبحث الأول فجاء بعنوان” النشأة والتعريف” وتحدث عن نشأة مصطلح ” Feminism” الذي ظهر لأول مرة عام 1895م بينما تم اعتماده في الحقول الإنسانية عام 1910م واعتمد الثامن من آذار يوماً عالمياً للمرأة، ويُترجم مصطلح ” Feminism ” إلى النسوية لكن بعض الباحثين اعترضوا على ذلك وترجموه إلى أنوثي ورأى هؤلاء أن نسوي تعني “Womenism” ولكن الترجمة التي تشرح المصطلح أكثر هي النسوية حسب رأي الكاتبة.
والنسوية مصطلح له عدة تعريفات مختلفة أبرزها تعريف علم الاجتماع لمحمد غيث وملخص التعريف أنها “حركة اجتماعية نشأت في إنجلترا في القرن التاسع عشر لتدعيم حقوق النساء ومساواتها بالرجل، ولكن بعد أن حققت الحركة أهدافها الأساسية في الغرب أصبحت مجرد حالة سيكولوجية تنطوي عن اتجاهات خاصة، ولكن لا يزال مظهرها الاجتماعي حاضراً وقوياً في البلدان النامية والصناعية”، ويوجد تعريف آخر لبام موريس وملخص تعريفه أن “النسوية مفهوم سياسي مبني على مقدمتين منطقيتين أساسيتين هما :
1. أن بين النوعين مؤسسة تقوم على عدم المساواة بين الجنسين، وتعاني النساء بسببها من انعدام العدالة.
2. أن انعدام المساواة ليس نتيجة لضرورة بيولوجية وهو مجرد اختلاف ثقافي”.
ترى المؤلفة أن التعريف الأول مختزل في الجانب الاجتماعي بحكم دراسة غيث الاجتماعية أما الثاني فهو نقد أدبي، وتصف وضحى النسوية بأنها “حركة” وذلك لأنها استمرارية ومتنقلة فهي تتغير حسب المجتمع فتظهر لنا نسوية ليبرالية في المجتمع الغربي ونسوية اشتراكية في الشرق ونسوية إسلامية في الشرق الأوسط، وترى الكاتبة أن هناك حركة نسوية سعودية تنطلق من المطالبة بالتعليم والعمل.
وتحدث الكتاب عن مصطلح النقد النسوي الذي نشأ على يد الناقدة الأدبية الأمريكية إيلين شوالتز التي نقدت النصوص التي يكتبها الرجل في تصورهم عن المرأة، مما أدى إلى تكون أدب أنوثي.
أما المبحث الثاني فجاء بعنوان “الأصول الفكرية”، ورأت فيه المؤلفة أن الحركة النسوية تدور حول أربع قضايا رئيسية يتناولها كلٌ من العنصر الراديكالي والليبرالي والماركسي وهذه القضايا هي” الجندر، والبطريركية، ومواجهة المرأة للقمع الذي يفرضه المذكر، وحقوق المرأة” وتناولت ثلاث قضايا منهم، كالآتي :
1. الجنوسة Gender :
وأصل المصطلح لاتيني ” genus ” وتنامى حتى أصبح يعني ” Gender في الفرنسية “، ويترجم مصطلح جندر إلى جنوسة، وتميل النسويات إلى استخدام كلمة جندر عوضاً عن جنسSex” ” بدعوى أن المصطلح الأخير فرضه الذكر ليس بقصد التمايز ولكن بقصد فرض هيمنته عليها. كما يفضلن مصطلح جندر لأنه ينفي الفوارق البيولوجية كما تشير عرَّابتهن سيمون دي بوفوار في كتاب الجنس الآخر.
2. البطريركية:
وأصل المصطلح يوناني يعني حكم الأب وهو مصطلح انثروبولوجي ونسوي وقد عُرف في الانثروبولوجيا على أنه “سيادة الأب وسيطرته على نظام الأسرة وقد يمتد إلى نظام القبيلة بينما في المجتمعات البدائية تكون السيادة للأم” وقد انطلقت النسويات من هذا التعريف الانثروبولوجي.
وترى النسويات أن مفهوم البطريركية له أبعاد أخرى تشمل كل أشكال هيمنة الرجل على المرأة وأنه سمح بالقمع الأنثوي وجعل النساء في مرتبة أقل من الرجال.
ومصطلح البطريركية له أصل ديني فالبطريريك يعني الأسقف الذي يمارس السلطة الدينية بالنيابة عن الأب الذي يعتقد النصارى أنه الله – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- لذلك قد ترفض النسوية المصطلح نسبةً لأصول دينية..
3. القمع الذكوري :
تنطلق النسويات من أسس امبريالية ترى الرجل على أنه ند، لذا فهن يرين أنه لابد من أن تكون المرأة مع الرجل على قدم المساواة في كافة المجالات.
وقد اعتبرت بعض النسويات أن عقد النكاح قوة أبوية ذكورية تمارس القوة على أنها حقوق زوجية، ولا بد للمرأة أن تتحرر من سلطة الرجل فكرياً واقتصادياً وفي سوق العمل، وعليها أن تتخلص من الخرافات والأساطير التي ترى أنها مصدر شر للرجل.
وأضافت الحركة النسوية العربية أن على المرأة التخلص من الشبه في الإسلام كالتعدد والقوامة والإرث ونقص العقل، دون مراعاة للتأويلات الخاطئة التي وقعن فيها.
المبحث الثالث جاء بعنوان “التصور الإسلامي للنسوية”، ورأت الكاتبة فيه أن الحركة النسوية أبعد ما تكون عن التصور الديني الصحيح؛ وذلك لأنها نشأت في الغرب في جو ظلمت فيه المرأة بسبب المسيحية واليهودية المحرفتين، ولقد تسربت المفاهيم النسوية الغربية عن الدين إلى المسلمات، ولذلك تقترح الكاتبة عدة قواعد حتى لا تقع المسلمة في لبس في دينها وهذه القواعد هي :
1. المرأة والرجل متساويين في الإنسانية، ولا فرق بينهما بأية حال، وأن كل منهما يكمل الآخر كما في الحياة الزوجية.
2. العدل : فالله تعالى خلق الجنسين وجعل لكل منهما عمله الخاص وهناك أعمال مشتركة بينهما كطلب العلم والدعوة.. إلخ.
3. الإسلام أكرم المرأة بتخليصها من التهم التي وجهها لها أفراد الديانات المحرفة فمثلاً نفى القرآن الكريم أن المرأة هي التي أغوت الرجل فأخرجته من الجنة وذلك في قوله عز وجل في سورة البقرة الآية 36 “فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه”
وفي ختام الفصل تناول الكتاب الشبهات المثارة حول شهادة المرأة؛ فشهادة المرأة قد تكون أقل من شهادة الرجل وذلك في الأمور التي من اختصاص الرجال كالمعاملات التجارية وبعض الحدود وغيره، وقد تكون شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل كما في اللعان، وقد لا تصح إلا شهادة المرأة وإن كانت إمرأة واحدة فقط وذلك في الامور التي تختص بها المرأة كالولادة والحيض وغيره .
وتناول أيضاً مسألة الميراث؛ فميراث الرجل ضعف ميراث أخته لما عليه من نفقة، وميراث المرأة أيضاً قد يكون في بعض الحالات أكثر من ميراث الرجل ولا تترتب عليها نفقة على أي حال.
الفصل الثاني تحت عنوان “الجوانب الفنية في الكتابات النسوية”
ترى المؤلفة أن الأدب له علاقة وثيقة بالفكر لذا فخير معبر عن المرأة هو الأدب، وقد قُسِمَت الأعمال الفنية إلى أعمال أدبية أنوثية يكتبها الرجل عن المرأة وأعمال نقدية نسوية تكتبها المرأة لنقد الأعمال الأنوثية، ومن أبرز الناشطات في النقد النسوي فرجينيا وولف التي ترى أن النقد النسوي يلغي الفروق بين المرأة والرجل.
وترى بعض الناقدات النسويات أنه لا يمكن أن يعبر عن المرأة إلا المرأة، وترى أخريات أن اللغة ذكورية من اختراع المذكر وتسعى للهيمنة على المرأة.
تناولت وضحى في مبحثين روايتين لكاتبتين سعوديتين يظهر فيهما أثر النقد النسوي وهما رواية “خاتم – لرجاء عالم” في مكة في العصر العثماني ورواية “هند والعسكر” وهي رواية مواكبة للمجتمع السعودي من بدايته وحتى إصدار الرواية.
المبحث الأول عنوانه “المضامين والأساليب النسوية في رواية خاتم“
مختصر الرواية أن امرأة تدعى (سكينة) أنجبت خمسة توائم كل توأم من ذكر وأنثى وفي كل مرة يموت الذكر وتبقى الأنثى، فأصبح زوجها شيخ (نصيب) ناقماً من ذلك ويرغب في ذكر يحمل اسمه وثروته، وفي البطن السادسة حملت بخاتم، كان/ت خاتم بجسد بنت ولكن شيخ نصيب عامل خاتم كذكر مع أنها تحمل صفات أنوثية، فكان/ت خاتم أنثى في المناسبات والأعراس، وذكراً في الشعائر الدينية، وحتى تختم الرواية بأن خاتم كان/ت ثنائية الجنس.
فندت وضحى الكتاب في عدة نقاط هي :
1. أن رجاء مررت مفهوم الجندر في عدة مناطق منها قول سند -ربيب شيخ نصيب وصديق خاتم- “كوني ولداً أو بنتاً، أنا أحب صحبتك مهما كنتِ” وقول خاتم “ما أهمية إن كنّا ذكوراً او إناث” .
2. كانت الروائية تستخدم أسلوب الحيلة فتارة تظهر خاتم أنثى، وتارة تظهرها على أنها ذكر.
3. عظمت رجاء من الحرية التي يعيشها الذكر، فمثلاً ذكرت أن خاتم على الرغم من منازعة صفات الأنثى لها كانت ترفض التحول لأنثى لما تجده من حرية كذكر.
4. في نهاية الرواية تحكم رجاء على خاتم على أنها خنثى؛ فهي بذلك تدعم الفكرة الجندرية بأن الجسد خاضع لرغبة صاحبه وماذا يريد أن يكون ذكراً أم أنثى.
5. تصف الروائية لحظات المخاض بدقة وذلك لا تتمكن منه إلا المرأة، وفي هذا الوصف أظهرت الضعف الأنوثي لسكينة وهي تعاني..
6. كان للمكان الذي اختارته الراوية “الحرم المكي” دلالة وهي أن خاتم تمكنت من تحديد جنسها حتى تحت أقوى سلطة دينية.
7. اختارت الراوية أن تكون معظم أحداث الرواية في سن البلوغ ومرحلة النضج وهي المرحلة التي يظهر فيها الجنس جلياً.
المبحث الثاني عنوانه: “المضامين والأساليب النسوية في رواية هند والعسكر – لبدرية البشر“
نقدت وضحى الرواية في نقاط هي :
1. الرواية تنطلق من رؤية ليبرالية بحتة ؛ فالراوية تنادي بكل شيء باسم الحرية.
2. رفضت الراوية البطريركية وأرادت تحطيم التابوه الثلاثي “الدين، المجتمع، الجنس” .
3. خلطت الراوية ما بين سيطرة المجتمع والدين، وذلك يظهر في شخصية والدة هند (هيلة).
4. كانت بدرية البشر ساخطة على الدين وإن لم تصرح بذلك، وهذا السخط يظهر في سخريتها من رفض المجتمع لعقيدة صلب المسيح، وكذلك لرفضه القراءة لكازنتزاكيس الشهير بمعاداته للدين.
5. مالت إلى أسلوب الحكي والسرد، بالإضافة إلى أنها استخدمت كلمات باللهجة العامية، وروايتها مشحونة بالأحداث العاطفية المصطنعة لجذب المراهقات.
للأسف لم تذكر وضحى نبذة مختصرة عن رواية هند والعسكر عكس ما فعلت مع رواية خاتم.
أرادت وضحى من الكتاب بدء عمل نسائي لنقد الأفكار النسوية، كما أرادت نفي مفهوم الجندر، والدفاع عن عقيدة المرأة المسلمة بالحجة والبرهان، والنقد الأدبي للكتابات النسوية السعودية، ولكننا لا نستطيع إسقاط التجربة السعودية على مجتمعنا!.