لا شك أن مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية مسألة شديدة المركزية في سلم الأولويات الشرعية بما يغني عن سرد الأدلة المستفيضة من أدلة الوحيين عليها، إلا أن الأمة الإسلامية مذ دخلت عصور الاستضعاف والوهن وانتقالها من الاحتلال الأوروبي العسكري المباشر إلى الاحتلال الأممي العالمي الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي والعسكري غير المباشر = وجدت أن بِنيتها المجتمعية والسياسية قد تعدّلت بشكل كامل في شكل دويلات قطرية حديثة قومية محكومة بنظام عالمي جديد اكتمل تشكّله بعد سقوط الخلافة العثمانية وانتهاء الحرب العالمية الثانية فصار سؤال تطبيق الشريعة في ظل الدولة الحديثة هاجساً نال حظاً من التداول في الأوساط السياسية بما لا يخفى على كل متابع.
ولكن الأمر الذي أريد أن أبيّنه في هذا المقال هو سؤال يتعلق بـ:” مدخل لفهم إشكالات إقامة الشريعة الإسلامية في ظل الدولة الحديثة وهيمنة النظام العالمي “، وهو أمر كُتبت فيه بحوث متخصصة عالية الجودة في الأروقة الأكاديمية في جدل الشريعة والحداثة، ولكن الذي ظهر لي من خلال مناقشتي لعدد من عموم الإسلاميين من شتى الأطياف أن تصور خلاصة هذه البحوث ليس عندهم، فكانت تلك البحوث حبيسة النخبة المثقفة أو أصحاب التخصص في فقه الدولة والسياسة، وإن من الضروري لكل عامل في الحقل الإسلامي وساعٍ لتحكيم الشريعة الإسلامية اليوم أن يعيَ خلاصات هذه المبحث المتعلق بإشكالية الدولة الحديثة اليوم؛ حتى لا يتعامل مع الدولة الحديثة – المنتج الحداثي الذي صدّره لنا الاحتلال الأوربي- على أنها هي نفسها التطور التاريخي للدولة في ظل الشريعة الإسلامية المعروفة خلال التاريخ الإسلامي.
وللأسف فقد أدّى هذا القصور في فهم طبيعة الدولة الحديثة ومبانيها وغاياتها للتأثير على عدد من التصورات الشرعيّة والفتاوى والكلام عن النوازل السياسية، وبالتأكيد في رسم مسارات الحلول السياسية المنطلقة من منظور شرعي.
فلأجل هذه الأسبابِ سالفةِ الذكر كتبتُ في هذا المقال ما لا يسع الإسلامي جهله من مشكلات الدولة الحديثة القومية حتى يكون على بيّنة من مسارات الحل الإسلامي المقترح للتعامل مع هذه الدولة الحديثة، وأحاول جاهداً أن ألخص أبرز هذه المشكلات الجوهرية وتعارضها مع المفاهيم الإسلامية، وطبيعة الحال ليس من طبيعة هذا المقال الجواب عن آلية التعامل مع هذه المشكلات، وإنما هو في تصوير المشكلة فقط وتبسيط فهمها وفك انحصار مفاهيم الدولة الحديثة على الطبقة والنخبة المتخصصة لتكون ميسورة التناول للجميع.
للاطلاع على الورقة كاملة الرجاء تحميل الملف