يُعتبر جورج مقدسي[1] أحد ألمع الباحثين الغربيين في تاريخ الفقه الحنبلي خصوصا، والتاريخ الاجتماعي لبلاد الإسلام في العصر الوسيط عموما، وقد تركزت أغلب أعماله على تاريخ الحنابلة وما أتصل بهم، مع رعاية خاصة منه لرصد للمؤثرات الاجتماعية في هذا التاريخ الإسلام الوسيط. وهو ما جعل أعمال مقدسي امتداد لأعمال أستاذه الفرنسي “هنري لاؤوست”[2] صاحب الدراسات الرائدة عن الحنابلة، والتي ركز فيها “لاؤوست” على “ابن تيمية” بشكل خاص. بل إن بعض الباحثين يعتبر مقدسي اجرأ من أستاذه “لاؤوست” في تقديمه للحنابلة في الأكاديميا الأوروبية.[3]
في كتاب “الطبقات – كتاب في التراجم”[4] يُحاول مقدسي -بناء سردية لـ “الدافع الكامن” وراء ظهور فَن الطبقات في التاريخ الإسلامي. وقد اجتهد مقدسي في الإجابة على هذا السؤال من خلال تتبع الأحداث التاريخية التي أَذنت بنشأة هذا الفن من وجهة نظره.[5]
للاطلاع على المراجعة كاملة
كيف أَرّخ جورج مقدسي لنشأة فَنّ الطبقات
[1] جورج مقدسي [1920-2002] مستشرق أمريكي من أصول شامية، له اهتمام بالغ بالفقه والتاريخ الفقهي والفقهاء الحنابلة، والتاريخ الاجتماعي للتعليم في ديار الإسلام وله أكثر من 75 مقالة أكاديمية و 12 كتابا، وقد تخرج في السوربون عن أُطروحته حول ابن عقيل الحنبلي وعصره، ودَرّس في جامعة بنسلفانيا، وهارفرد، ومِتِشجان.
في الأعوام الأخيرة تُرجمت العديد من أعمال مقدسي إلى العربية ومن هذه الأعمال:
- نشأة الكليات: معاهد العلم عند المسلمين وفي الغرب. ترجمة محمود سيد محمد، وتقديم بشر نافع موسى [مصر: مدارات، 2015].
- الإسلام الحنبلي. ترجمة سعود المولى وتقديم رضوان السيد [بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017].
- تحقيق كتاب “يوميات فقيه حنبلي من القرن الخامس الهجري: تعليقات ابن البناء الحنبلي لحوادث عصره” اعتنى به أحمد العدوي [القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، 2019م]
- تحقيق كتاب “الواضح في أصول الفقه” لابن عقيل الحنبلي. [بيروت: فرانتس شتاينز 1996-2002م].
- ابن عقيل: الدين والثقافة في الإسلام الكلاسيكي. ترجمة محمد إسماعيل خليل [بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات والنشر، 2018].
- “نقابات القانون في التاريخ التشريعي في العصور الوسطى – تقصّ في أصول الهيئات القانونية الأربع في لندن”. ترجمة عمرو بسيوني [الكويت: مركز نهوض] 16 سبتمبر 2018، شُوهد 08 يناير 2019.
- الشافعي وأصول المتكلمين: نشأة علم أصول الفقه وأهميته. ترجمة يُوسف وهب. [مصر: مركز تُراث للبحوث والدراسات، 2019م]
- الطبقات: مؤلفات في التراجم. ترجمة علاء عثمان عوض. [مصر: مركز تُراث للبحوث والدراسات، 2019م] وهو الكتاب الذي نحن بصدد عرضه.
والمترجم للكتاب: هو صديقنا علاء عوض عثمان. حاصل على ماجستير في التاريخ الإسلامي القديم والتراجم، و باحث دكتوراة في قسم اللاهوت والدراسات الإسلامية بجامعة توبنغن الألمانية.
[2] هنري لاؤوست: بروفيسور ومستشرق فرنسي تخصص في ابن تيمية والحنابلة بوجه عام. حصل في سنة 1928 على الليسانس في اللغة العربية، و الليسانس في الفلسفة. وإثر ذلك ذهب إلى دمشق فأمضى عاماً ملحقاً بالمعهد الفرنسي في دمشق. وحصل على شهادة الأجريجاسيون في اللغة العربية، وهي الشهادة التي تؤهّل لتدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية الفرنسية. لكنه لم يعمل في التدريس، وإنما عيّن في «المعهد الفرنسي للآثار الشرقية» بحي المنيرة في القاهرة>
وفي القاهرة أمضى خمس سنوات متوالية (من سنة 1931 حتى سنة 1936). حيث توفر على دراسة ابن تيمية وجعله معتبرًا بصورة مرموقة في الدوائر الغربية، واتصل برجال الحركة السلفية في مصر: رشيد رضا وجماعة مجلة “المنار”.
وكانت ثمرة ذلك رسالتين للحصول على الدكتوراة:
الرسالة الرئيسية: “بحث في آراء ابن تيمية الاجتماعية والسياسية”.
الرسالة الفرعية: “إسهام في دراسة المناهج الشرعية عند ابن تيمية”.
وتولت طبع الرسالتين مطبعة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في القاهرة سنة 1939.
وكان “لاوست” مشرف مقدسي في الدكتوراة، وأكمل مقدسي من بعده الدراسات حول الحنابلة وتاريخهم.
للمزيد: عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، [بيروت: دار العلم للملايين، 1993] ص510.
[3] من مقدمة رضوان السيد. جورج مقدسي، الإسلام الحنبلي. ترجمة سعود المولى وتقديم رضوان السيد [بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017] ص 10.
[4] جورج مقدسي، الطبقات – كتاب في التراجم، ترجمة علاء عوض عثمان. ومراجعة أحمد معروف [مصر: مركز تراث للبحوث والدراسات، 2019]، وكل إشارة إليه لاحقًا سنوردها باسم “الكتاب” ورقم الصفحة وعنوان الكتاب الأصلي:
ṬABAQĀT – BIOGRAPHY: LAW AND ORTHODOXY IN CLASSICAL ISLAM, Islamic Studies، Vol. 32, No. 4 (Winter 1993), pp. 371-396
[5] الكتاب، ص 44.